JustPaste.it

بســــــــــــم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

35aea31cf17fa44188c9b10a3c61a41c.jpg

 

الحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ ، أَمَّا بَعَدُ:


هذه رسالة تفوح منها رائحة المسك المعطر بدم من ذاق الشهادة في سبيل الله ، تملؤها الخواطر الجميلة ، والمشاعر الجياشة، إنها رسالة من قلب شهيد حنون قتل لإعلاء كلمة التوحيد ، رسالة شهيد مجاهد فَجَّر جسده بسيارته المفخخة أشلاء في أعداء الله ودفاعًا عن حرمات الله وأعراض المسلمين ، إنها رسالة من جندي الدولة الإسلامية الشهيد الحي للأحياء في عالم الأموات.

يقول هذا المجاهد وهو يقود سيارته المفخخة نحو الكفار والمرتدين :

لقد أتاني الشيطان مجددًا وأنا أقود سيارتي المفخخة التي زينتها بالمتفجرات والعبوات وأطنان " التي إن تي " سيارتي التي ستزفني إلى الجنان حيث تنتظرني زوجاتي من الحور العين ، وكان الشيطان قد أتاني من قبل عندما سجلت اسمي في سجل الاستشهاديين ، قائلا : أتتعجل الموت وتترك الدنيا وملذاتها وتترك أمك وأباك وأبناءك وزوجتك وأحبابك ؟! عش حياتك وتمتع بشبابك ومالك وصحتك ، تمسك بالحياة الدنيا فالحياة طويلة !

فقاطعته قائلا: أعوذ بالله منك يا رجيم ، إني مسافر إلى ربي ، إني عائد إليه ، أبغي النظر إلى وجهه الكريم ، لن ألتفت إليك وإلى وساوسك ، فقد خطبت زوجاتي من الحور العين وسأقدم لهن المهر الغالي، وقد حددنا موعد الزفاف ، إن عمري مقدر لن يتقدم ولن يتأخر ، فلما قلت ما قلت تولى هاربًا مغضبًا .لم ينل خيرًا ولم يظفر إلا شرا.

ثم أتاني في هذه الأثناء وكرر كلامه السابق ، وأضاف إليه قائلا:

أتقتل نفسك من أجل غيرك ، أتترك الدنيا ليتنعم بها الآخرون ، أتقاتل وتقتل من أجل الخوارج والتكفيريين والحازمية والغلاة - زعم - ، أَتُيَتِّم أطفالك وترمل زوجتك فتتزوج من بعدك؟!

فقاطعته مستعيذًا بالله منه ، وقلت له:

إخسأ عدو الله فلن تعدو قدرك ، فزدت في سرعة سيارتي وأكثرت من الاستغفار والذكر ، فولى هاربًا خاسئًا مدحورًا لم ينل خيرًا ، وقلبي يخفق للقاء ربي ولساني يردد " لا إله إلا الله " حبيبي يا ربي ها أنا ذا قادم إليك فأحسن نزلي مولاي وإلٰهي .

نعم ! تلهفت شوقاً لما سأراه عندما أضغط على جهاز التفجير ، ويتناثر جسدي لله ، يا الله ! كيف ستكون لحظة خروج روحي ، كيف هي القرصة هذه ؟! واشوقي لرؤية ملائكة الرحمة وهي تستقبلني تقبض روحي ، ما أحلاها لحظة خروج روحي وهي تعرج إلى السماء ، لحظة أن تصير في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث تشاء. حين يقال لي {ﻳَﺎ ﺃَﻳَّﺘُﻬَﺎ اﻟﻨَّﻔْﺲُ اﻟْﻤُﻄْﻤَﺌِﻨَّﺔُ * اﺭْﺟِﻌِﻲ ﺇِﻟَﻰ ﺭَﺑِّﻚِ ﺭَاﺿِﻴَﺔً ﻣَﺮْﺿِﻴَّﺔً * ﻓَﺎﺩْﺧُﻠِﻲ ﻓِﻲ ﻋِﺒَﺎﺩِﻱ * ﻭَاﺩْﺧُﻠِﻲ ﺟَﻨَّﺘِﻲ}

يا الله ، أنا الآن بيني وبين الجنة خطوة؟! بل لحظة ! ، يا لسعادتي ، قد مت شوقًا قبل الموت لرؤية نبيِّي وقرة عيني محمد - صلى الله عليه وسلم - اشتقت لصحابته وصرت أتخيل أبا بكر وعمر وعثمان وعلي وباقي الصحابة رضي الله عنهم وهم حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمتع عيني برؤيتهم الزكية . ودموعي تنهال كالمطر على خديَّ فرحًا وشوقًا.

شوقًا لرؤية من سبقوني من إخواني الشهداء وقادتي الأتقياء .

ازداد شوقي أكثر فأكثر ، فها أنا صرت أمام الهدف مباشرة وأمامي جموع المشركين والمرتدين ، أنظر إليهم بعينين مملوءتين بالغيظ والعداوة ، نطقت بكلمة التوحيد حينها مكبرًا " الله أكبر " وضغطت على المتفجرة ، يا الله ! يا الله ! ما أعذب هذا الشعور وما أحلاه ! ، ملك الموت أمامي هو وإخوانه مستبشرين نورًا وبياضًا ، قد استقبلوني بموكب مهيب قد أمر به حبيبي ملك الملوك - سبحانه - . يزفونني به إلى زوجاتي من الحور العين ، فجاءتني إحداهن في قبري البرزخي ، متلهفًا للقياها والنظر إليها ،فما إن رأيتها قلت : ما أجملها! ما أروعها، وقلت: سبحان الله الذي خلقك فأبدعك ! قد بعت نفسي لوليها وهو قد ارتضاه مهرًا لها! فنعم البيع والمبيع ونعم المشتري! وها أنا أنتظر ما بين الظهر إلى العصر في منزلي وروحي تسرح في الحواصل حتى تقوم الساعة فيكتمل زفافي وتتم فرحتي الكبرى.

هذه رسالتي إليكم إخواني الأحباب من الشهيد الحي إلى الأحياء الأموات ، لشدة حبي لكم كتبت رسالتي من عالم البرزخ كي تعجلوا لجنة عرضها السموات والأرض وتلحقوا بركب الشهداء الخالدين. قال الله تعالى: {ﻭَﻻ ﺗَﺤْﺴَﺒَﻦَّ اﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻗُﺘِﻠُﻮا ﻓِﻲ ﺳَﺒِﻴﻞِ اﻟﻠَّﻪِ ﺃَﻣْﻮَاﺗًﺎ ﺑَﻞْ ﺃَﺣْﻴَﺎءٌ ﻋِﻨْﺪَ ﺭَﺑِّﻬِﻢْ ﻳُﺮْﺯَﻗُﻮﻥَ * ﻓَﺮِﺣِﻴﻦَ ﺑِﻤَﺎ ﺁﺗَﺎﻫُﻢُ اﻟﻠَّﻪُ ﻣِﻦْ ﻓَﻀْﻠِﻪِ ﻭَﻳَﺴْﺘَﺒْﺸِﺮُﻭﻥَ ﺑِﺎﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻟَﻢْ ﻳَﻠْﺤَﻘُﻮا ﺑِﻬِﻢْ ﻣِﻦْ ﺧَﻠْﻔِﻬِﻢْ ﺃَﻻ ﺧَﻮْﻑٌ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﻭَﻻ ﻫُﻢْ ﻳَﺤْﺰَﻧُﻮﻥَ * ﻳَﺴْﺘَﺒْﺸِﺮُﻭﻥَ ﺑِﻨِﻌْﻤَﺔٍ ﻣِﻦَ اﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻓَﻀْﻞٍ ﻭَﺃَﻥَّ اﻟﻠَّﻪَ ﻻ ﻳُﻀِﻴﻊُ ﺃَﺟْﺮَ اﻟْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ} .

رزقنا الله وإياكم الشهادة في سبيله مقبلين مخلصين.


سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك.

 

وصلى الله وسلَّم على نبينا مُحَمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين .

 

 

 

كتبه : أَبُو مُعَاذٍ المَقْدِسِيُّ - غفر الله له - .
23/ المُحَرَّم / 1440